ام الفحم (قصة مدينة)
ان الحقيقة التاريخية تثبت ان هذه البقعة من الارض (ام الفحم وجوارها ) كانت مأهولة ببني البشر منذ الاف السنين , وبالتحديد منذ العصر الكنعاني (3000 ق.م ) وتثبت ايضا ان شعوبا واناسا سكنوا هذه البلدة , وتعاقبوا عليها على مر العصور والدهور .
غير ان ام الفحم شأنها في ذلك شأن العديد من المواقع الفلسطينية , انقطع فيها التواصل الاستيطاني البشري في فترات معينة من التاريخ , بل يصح القول انها اندثرت واندثر تاريخها تحت الرمال طوال فترة زمنية طويلة , ونرجح ان يكون لها اسم آخر قبل أم الفحم انمحى واندثر هو الآخر , وهذا طبعا لاسباب سنحاول التطرق اليها في حينه .
ومع هذا فان الاسم أم الفحم لم يرد في أي مصدر تاريخي او ادبي او غيره , قبل العام 665 هجرية (1265 م ) , حينما اقطعها السلطان المملوكي الظاهر بيبرس للامير جمال الدين اقوش النجيبي الايوبي .
أصل التسمية :
أم الفحم بضم الالف وتسكين الميم , وفتح الفاء وتسكين الحاء وكسر الميم , يعني اسمها " المكان الذي فيه الفحم " , وسميت بهذا الاسم نسبة الى الفحم الكثير الذي كان يتم انتاجه في هذه البلدة على مر العصور , ونسبة الى اتجار اهل هذه البلدة بالفحم طوال عصورها التاريخية المعروفة ولغاية بدايات المنتصف الثاني من هذا القرن , حيث كان الفحم مصدر المعيشة الاول والاساسي للاهالي على مدار اجيال طويلة .
وقد كانت البلاد الممتدة من العوجا وبلدة ارسوف , (الواقعة على ساحل البحر , شمال قرية الحرم -سيدنا علي - هرتصليا اليوم )ولغاية منطقة مرج بن عامر وبلاد حارثة وبلاد الروحة وجبل الكرمل , مليئة بالغابات والاحراج .
الموقع الجغرافي :
اختلفت حدود ام الفحم باختلاف المراحل التاريخية التي مرت بها ….. ومنذ نهاية القرن الفائت وحتى العام 1948 م , كانت تشمل المنطقة الواقعة من قرية اللجون وزلفة والطيبة شمالا وشرقا وقرى مشيرفة ومصمص ومعاوية والبواشات والبطيمات غربا والبيار والمعلقة وطفوف ابو عويمر وتلول الشيخ محمد (حدود مستوطنة ميعامي اليوم ) وعانين جنوبا . من هنا فان هذا الامتداد للاراضي الفحماوية (145 الف دونم ) يجعلها تقع في عدة مناطق جغرافية , لكل واحدة منها خصوصياتها ومميزاتها الخاصة .
وتقع ام الفحم على الشارع الرئيسي المؤدي من مدينة الخضيرة الى مدينة العفولة ,- شارع وادي عارة , رقم 65 .
أما سلسلة جبال ام الفحم فهي امتداد لسلسلة جبال نابلس التي تمتد شمالا حتى مرج بن عامر ومن الجنوب حتى جبال القدس وترتفع (ام الفحم ) 450 مترا عن سطح البحر في الطرف الشمالي لجبال نابلس .
وأما من ناحية الاراضي فان اراضي ام الفحم الكبرى تقع في المناطق التالية :
1-بلاد الروحة * (معاوية , البيار , البطيمات , البواشات ) .2 -مرج بن عامر * (اللجون , زلفة , الطيبة ). 3 - جبال نابلس .
وسلسلة جبال ام الفحم مكونة من العديد من المرتفعات والتلال المحيطة بالبلدة من كل جوانبها , ولعل اهمها واشهرها هو جبل اسكندر او تل اسكندر كما ورد في بعض المصادر او راس اسكندر كما يسميه بعض اهل البلدة .
وتتميز ام الفحم بوفرة مياهها وعيون الماء الكثيرة والمنتشرة في كافة ارجائها واطرافها المترامية على الجهات الاربع .
ام الفحم في الفترات التاريخية المختلفة
العصر الكنعاني 2500 قبل الميلاد :
دلت الاثار التي تم اكتشافها في ام الفحم وضواحيها, من دون ادنى شك ان هذه البلدة كانت مأهولة بالسكان في العصور الغابرة, بداية من العصر الكنعاني مرورا بالعصور اللاحقة , الرومانية واليونانية وصولا الى العصور الاسلامية.
عاش العرب الكنعانيون في فلسطين مدة طويلة من الزمن ووقفوا سدا منيعا امام العديد من محاولات الغزو الخارجي وعلى راسها غزو بني اسرائيل بعد خروجهم من مصر , الا ان قسما من بلاد كنعان وقع في سلطة الاسرائيليين بحيث اصبحت بلاد فلسطين مقسمة الى ثلاثة اقسام , قسم تحت سيطرة بني اسرائيل وقسم آخر بقي بأيدي الكنعانيين. اما القسم الثالث فوقع تحت حكم قبائل البلست التي نزلت في اواخر القرن الثالث عشر قبل الميلاد سواحل فلسطين قادمة من جزيرة كريت.
عصر العبرانيين 1000 قبل الميلاد :
منذ عهد القضاة عاش الاقوام الثلاثة, الاسرائيليون والفلسطينيون والكنعانيون- مئات السنين سوية , تخللتها سلسلة من الحروب الفلسطينية - الاسرائيلية والحروب الكنعانية - الاسرائيلية .
ورغم الحروب بين الكنعانيين والاسرائيليين الا ان اليهود اختلطوا في عصر القضاة بالكنعانيين وتزوجوا من بناتهم ونهلوا من حضارتهم المتقدمة, وتبنوا اسماءهم واسماء مواقعهم , وامتزجوا بالسكان الكنعانيين وبدأت تصطبغ بصبغتهم الحضارية تدريجيا.
اما المواقع في ام الفحم او بأسمائها القديمة من العصر الكنعاني - ادر , و حنم - فقد اثبتت الحفريات والاثار التي وجدت في بعض مناطقها وخاصة منطقة عين ابراهيم ومنطقة الباطن انها كانت مأهولة بالسكان في العصر او الحقبة الاسرائيلية المتأخرة, أي ما بعد عصر القضاة, ونرجح ان يكون اهلها او سكانها هم من الكنعانيين الاصليين الذين ظلوا فيها رغم الاستيطان الاسرائيلي فيها .
ام الفحم في العصر الفارسي الروماني – البيزنطي
586ق.م -636 م. :
دلت المكتشفات الاثرية التي تم العثور عليها في ام الفحم ومنطقتها انها كانت مأهولة بالسكان بشكل متواصل من القرن الاول قبل الميلاد ولغاية القرن السابع بعده ,اي طوال الفترة التي سيطر فيها الرومان - البيزنطيون على بلاد فلسطين.وليس بأمكاننا الجزم فيما اذا كان السكن في بعض المواقع الفحماوية ابتدأ - من العصر الروماني ام هو استمرار للاستيطان البشري في بلدتنا من عهود سابقة خلت فمنطقة خربة الغطسة مثلا التي احتوت على اثار من العهد الكنعاني احتوت ايضا على اثار من العصر الفارسي وكذلك الروماني - البيزنطي وحتى الاسلامي وهذا يعني ان هذا الموقع ليس جديدا ولم يقم في زمن الرومانيين , وكذلك الحال مع موقع الباطن او مع اللجون التي كان اسمها قبل الرومانيين مجدو ثم تحولت الى اللجون.
اما المناطق الاخرى التي وجدت فيها اثار من العصر الروماني والبيزنطي مثل موقعي عين الزيتونة وعين جرار فأنه يبدو انهما اقيما في العهد البيزنطي ولم يكونا قائمين قبلئذ . واننا وحين ننظر الى موقعي عين الزيتونة وعين جرار الاثريين فسوف نجد اغلبية مقومات الحياة في العصرين الروماني والبيزنطي , في جميع المجالات الزراعية والصناعية والتجارية , تنطبق عليهما بدقة .
وقد اهتم الرومانيون بالطرق وعملوا على توسيعها وتعبيدها وانشأوا سلسلة من المراكز للقوات الرومانية على طولها لحماية الاماكن التي كانت راقية الحضارة وكثيرة السكان بصورة خاصة , ومنها طريق وادي عارة التي اسموها طريق ماريس او فيا - ماريس " .
وتؤكد الاثريات الموجودة في عين الزيتونة وعين جرار ان هذا الموقع استمر حتى القرن السابع الميلادي , بمعنى القرن الاول من قيام الدولة الاسلامية.
وقد بينا سابقا ان القبائل العربية وبالذات اليمنية توافدت على هذه البقعة عدة قرون قبل بزوغ فجر الاسلام, من مكة المكرمة, التي كانت تربطها علاقات تجارية وثيقة مع فلسطين خاصة, والشام عامة .هذه العلاقة التي كان لها الاثر البالغ في الفتوحات الاسلامية لاحقا , سيما وان معرفة اهل مكة بطرق الشام وطرق تجارتها ساعدتهم على اتمام الفتوحات وتقسيم البلاد والمناطق الادارية على اسس سليمة قائمة على مزج الجغرافيا بالاقتصاد بالطرق.
الفتح الاسلامي 636م. :
وقف القائد العربي المسلم عمرو بن العاص امام قائد البيزنطيين عند فتحه لقيساريا قائلا : (ان) هذه الارض التي انتم فيها ليست لكم وهي ارض العمالقة من قبلكم , لان نوحا عليه السلام قسم الارض بين اولاده الثلاثة سام وحام ويافث واعطى ولده ساما الشام وما حوله الى اليمن الى حضرموت والى غسان , والعرب كلهم ولد سام , وهم قحطان وطسم وجديث وعملاق وهو ابو العمالقة . حيث كانوا من البلاد وهم الجبابرة الذين كانوا بالشام , فهذه العرب العاربة , لان لسانهم الذي جبلوا عليه العربية ..."
وقد دخلها المسلمون في يوم الاربعاء في العشر الاولى من رجب سنة 19هـ , وبسقوطها سقطت احلام الروم نهائيا بحكم سوريا, وبهذا وقعت ام الفحم ومنطقتها تحت الحكم العربي الاسلامي .
يقول مختصو الاثار ان توقف الاستيطان البشري في مناطق ام الفحم لم يتم بسبب كارثة طبيعية كزلزال مثلا وهو ما تؤكده الحقائق التاريخية فعلا , الا ان المعتقد ان موقع ام الفحم هجر من اهله مع بداية الحكم العربي الاسلامي بسبب طاعون عمواس , ليعود اليها من جديد بعد اقل من قرن من الزمن .
الحروب الصليبية 1095م :
كانت اوروبا الصليبية تشحذ الهمم وتتقنع بقناع الدين متخذة اياه وسيلة لشن حملاتها العدوانية الاستعمارية , متذرعة بالصليب والديانة المسيحية لغزو بلاد العرب واستلاب وانتهاب ارزاقهم وانتهاك اعراضهم .
وكانت الشرارة الاولى في السادس والعشرين من تشرين الثاني 1095م, حينما القى البابا اوربان (اوربانوس) الثاني, الفرنسي مولدا, خطبة نارية حث فيها "المؤمنين" على سلوك الطريق الى كنيسة القيامة لانتزاعها من ايدي الغاصبين " المسلمين الكفار" - حسب رأيه- والاحتفاظ بها لانفسهم وحثهم على حمل الصليب " .
يجدر بالذكر ان ام الفحم كانت في هذه الفترة عشية الحروب الصليبية وطوال مئتي عام اخرى تابعة لمقاطعة قيساريا , وقد تأثرت -شأنها شأن جميع المناطق المجاورة- بالاحداث التي وقعت في قيساريا ومقاطعتها .
صلاح الدين الايوبي 1187م:
كان اول ما فعله صلاح الدين بعد استرداد معظم اراضي فلسطين من الصليبيين , في اعقاب معركة حطين , ان نقل اليها سكانها واهلها المسلمين واسكنهم فيها من جديد بعد ان كان الصليبيون قد طردوهم منها عند احتلالهم وسمح لسكانها الصليبيين مغادرة هذه المواقع.
جمال الدين آقوش النجيبي اول مالك لام الفحم 1265م:
بعد فتح قيساريا قام السلطان الظاهر بيبرس بتقسيم مقاطعة قيساريا , قراها وضياعها ومزارعها واراضيها بين الامراء المجاهدين الذين شاركوا معه في الفتح.
وفي هذه السنة 1265م , نجد اول ذكر لاسم ام الفحم في المصادر التاريخية وقد نقلها المقريزي في كتابه السلوك لمعرفة دول الملوك .
وقد جاء في هذه الوثيقة ان السلطان بيبرس اقطع "الامير جمال الدين اقش النجيبي نائب سلطنة الشام, ام الفحم بكمالها من قيسارية" .
والامير الكبير جمال الدين هو : ابو سعيد جمال الدين اقوش بن عبد الله النجيبي الصالحي الشمسي النجمي الايوبي, ولد في سنة 607 هجرية , او في سنة 609- 610 هجرية , ولاه السلطان الظاهر بيبرس استادارا , وبعد ذلك ولاه بيبرس نيابة دمشق مدة عشر سنين .
وكان الامير جمال الدين قائدا وبطلا فذا, فقد اشترك في عين جالوت, وقتل عساكر التتار كتبغانوين .
ولما عزله السلطان عن نيابة دمشق سنة 670 هجري,"استدعاه لمصر فأقام مدة بطالا, ثم مرض بالفالج اربع سنين, وقد عاده في بعضها الملك الظاهر, كانت وفاته (سنة 677 هجرية) بالقاهرة , عن عمر يناهز 70 سنة
ام الفحم في عصر المماليك!:
تمهيدا لحربه مع هولاكو والتتار والصليبيين, خلال فترة حكمه – برز اهتمام الظاهر بيبرس خاصة واغلب سلاطين المماليك بطرق الاتصال والمواصلات وخاصة البريد والمناور والابراج, ابراج حمام الزاجل, وكانت ام الفحم بجبالها ومواقعها منطقة هامة جدا على طريق بريد الدولة في عصر المماليك , وشكلت ممرا هاما لهم بل واقيمت مصطبة للسلاطين في قرية اللجون الفحماوية لنزولهم فيها .
ام الفحم كما كانت في عام 1538م :
بعد ان استتب الحكم للعثمانيين في بلاد الشام واعترافهم بسلطة بعض الامراء في بعض المناطق, اخذ العثمانيون بعمل جرد احصائي وسكاني ومعيشي للسكان المحليين في بلاد الشام.
بلغ عدد سكان ام الفحم في ذاك العام مثلما ورد في دفتر مفصل مرج بن عامر, 6 خانات أي 30 نسمة على حساب ان معدل الخانة هو 5 اشخاص , و42 نسمة في حساب ان معدل الخانة هو 7, هذا عدا المجردين (أي العازبين) وعدا الائمة والمؤذنين والخطباء, لان الدفتر لم يشملهم , من هنا فأننا نرجح ان عدد سكان ام الفحم في 1538م تراوح بين 35-47 نسمة فقط .
ومن خلال الدفتر يلاحظ ان اهالي ام الفحم خاصة واهالي المرج عامة اعتمدوا في حياتهم المعيشية على الزراعة اولا والثروة الحيوانية ثانيا والتجارة ثالثا.
ام الفحم كما كانت في 1596م :
اصبحت ام الفحم واللجون منذ اواخر العصر المملوكي وبداية عصر العثمانيين واقعة تحت حكم آل طراباي الحارثيين, واخذت تعرف باسم بلاد حارثة , وشملت قرى وبلاد كثيرة وعديدة قريبة من ام الفحم . بلغ عدد سكان ام الفحم في ذاك الوقت 24 خانة أي ما بين 120-148 نسمة .
وصول الحمايل الى ام الفحم في النصف الاول من القرن السابع عشر
ان بداية وصول حمايل ام الفحم لهذه البقعة من البلاد تمت في النصف الاول من القرن السابع عشر , أي قبل حوالي 400 عام, مع تأكيدنا ان بعض الحمايل سبقت بعضها الاخر , بمعنى انها لم تصل كلها الى ام الفحم في نفس الوقت .
وكانت البداية وصول ابناء عبد العزيز الثلاثة وجبرين ومحمود ومسعد حيث سكنوا في ام الفحم مع ال شويخ , ومن نسلهم تكونت حمايل وعائلات كثيرة اصبحت تعرف فيما بعد بأسم المحاميد والجبارين وكان وصولهم مرتبط بقصة او حادثة او اسطورة وأد السمرة او ما يصفه بعض الفحماويين باسم "ذبحة الحدادين " .
ويؤكد الفحماويون ان عائلات اخرى وصلت الى ام الفحم بعد فترة قصيرة من وصول ابناء عبد العزيز السماقي, وهما عائلتا محجان التي يقول ابناؤها انهم جاؤوا الى البلدة من منطقة شفاعمرو وسكنوا المنطقة التي اصبحت تعرف فيما بعد بأسم حي المحاجنة.
واما العائلة الثانية التي وصلت البلدة فكانت عائلة عيسى الاغباري , من منطقة الخليل حسب اقوال ابناء هذه الحمولة .
ثم توالت العائلات الاخرى على البلدة واخذت تسكن في مناطق الحمايل الكبرى , سابقة الذكر , الجبارين,المحاميد , المحاجنة والاغبارية , وصارت تحمل نفس اسم الحمولة التي سكنت في جوارها .
الحرب العالمية الاولى والاحتلا ل البريطاني 1918م:
دخلت تركيا الحرب العالمية الاولى, وشارك ابناء ام الفحم وقراها في هذه الحرب, ضمن سياسة التجنيد الاجباري التركي,واطلقوا عليها اسم "سنة الطبلة" لان المسؤولين الاتراك كانوا يجوبون القرى ويقرعون على الطبول اعلانا للحرب والتجنيد .
وكان الجنرال ادمون اللنبي قد تسلم قيادة الحملة الانجليزية في فلسطين في حزيران 1917, لتدخل فلسطين بعد ذلك في طور جديد , وهو طور الاحتلال الانجليزي العسكري .
استطاع اللنبي ان يهزم الاتراك في معركة مجدو 20-9-1918 م ليفتح الطريق امام سقوط فلسطين كلها بايدي القوات الانجليزية معلنا بداية الاحتلال الانجليزي – الانتداب – لمدة تزيد على 3 عقود .
ثورة الشيخ عز الدين القسام 1935:
بلغ اوج نشاطات عصبة القسام في العام 1935 عندما قرر اعلان الثورة ضد بريطانيا والخروج مع صحبه الى قرى الريف الفلسطيني وبالذات الى احراش الخطاف جنوبي ام الفحم .
ورافق القسام في خروجه الى يعبد 16 مجاهدا, كان من بينهم الفحماوي اسعد المفلح الحسين والمعروف لدى اهالي ام الفحم باسم اسعد كلاش وهو من عائلة ابو شويخ من حي المحاجنة.
سار القسام وصحبه , وبضمنهم اسعد المفلح الى احراش الخطاف , غير ان تحركات هذه العصبة السرية سرعان ما تم اكتشافها على يد الانجليز , وبدأت المعركة بينها وبين المجاهدين.
ورغم المقاومة الباسلة التي ابداها القسام ورفاقه, فقد كانت النتيجة استشهاده واثنان من رفاقه المجاهدين وهم الشيخ يوسف الزيباوي وعطيفة المصري.
معارك ام الفحم : معركة عين الزيتونة 20-8-36 م :
مع اعلان قيام ثورة فلسطين الكبرى تم تشكيل مجلس القيادة العليا وتم توزيع فلسطين الى مناطق عسكرية يقف على رأس كل منطقة قائد عسكري , من اهل المنطقة نفسها.
وتبعت ام الفحم لقيادة القائد يوسف ابو درة قائد منطقة جنين , وبقيت كذلك تعمل تحت امرته حتى تشكل في ام الفحم فصيل مستقل بقيادة بعض ابناءها المجاهدين وهم احمد الفارس محاميد واخيه علي الفارس محاميد ويوسف حمدان العبد من آل طميش - محاجنة - .
"مرت دورية - انجليزية - يوم 20-8-36 , مؤلفة من ثلاث سيارات كبيرة مملؤة بالجند فهاجمها الثوار المتحصنون في الجبل الجنوبي ودارت معركة كبيرة كاد ينتصر فيها الثوار , لولا مجيء نجدة مؤلفة من خمس سيارات مملؤة بالجند ووقعت معركة ثانية اطلق عليها الفحماويون اسم معركة خلة الحمارة, واستبسل فيها الثوار واظهروا براعة فائقة في الخطط الحربية .
فتضايق الجنود وطلبوا النجدة مرة اخرى, حضرت بعدها ثلاث طائرات حربية ودبابات ومدافع جبلية , وكانت معركة ثالثة دامت حتى المساء.
"وقد استغرقت هذه المعارك مدة 12 ساعة اسفرت عن وقوع 32 اصابة من الثوار بين قتيل وجريح , وحسب بلاغ الحكومة الرسمي لم يصب احد من الجنود سوى باشجاويش بريطاني بجراح طفيفة " .
معركة ام الفحم 30-1-38م :معركة المدرسة
كانت معركة عين الزيتونة - خلة الحمارة , اول معركة يبادر اليها الفحماويون ومعهم "الفزع" من القرى والعشائر المجاورة , ضد القوات الانجليزية الاستعمارية , اما المعركة الثانية التي نحن الان بصددها فقد كانت اشد واقوى واعنف وابلى فيها الفحماويون والثوار العرب بلاءا حسنا افزع الجنود الانكليز واصاب منهم كل مصرع مما جعلهم من ذاك الحين يتخذون ام الفحم مقرا دائما لقواتهم بهدف رصد تحركات الثوار والانتقام منهم.
وقد اطلق على هذه المعركة في الادبيات الفلسطينية والاجنبية اسم " معركة ام الفحم " , فيما يعرفها الفحماويون بأسم " معركة المدرسة " , - الا وهي الان مدرسة الزهراء للبنات .
مع ازدياد فعاليات الثورة في منطقة ام الفحم وازدياد عمليات التصدي والتعرض للقوات الانجليزية قررت القيادة الانجليزية ان تتخذ لها معسكرا دائما في ام الفحم تستطيع من خلاله الانطلاق وحماية قوافلها المارة من الشارع الرئيسي ومحاصرة الثوار الذين انتشروا في ام الفحم - ام الثورة - ومنطقتها.
"واستمر الثوار بانسحابهم والانجليز من ورائهم حتى بلغوا المدرسة , وهناك كانت فرقة اخرى من الثوار قد نصبت كمينا لهم , وما ان وصلت القوات الانجليزية حتى فتحت عليهم النار من عدة اتجاهات فسقط الكثير منهم بين قتيل وجريح . وتشتت جمعهم واخذوا يولون الادبار باتجاه البيوت في البحث عن مخبأ لهم .
عــــام النــــكبــة 1948 :
مع فشل سياستها في فلسطين رأت بريطانيا ان تحول القضية الى هيئة الامم المتحدة في نيسان 1947, حيث قررت الجمعية العمومية اتخاذ قرار بتقسيم فلسطين, واقامة دولتين عربية ويهودية . ذاك القرار الذي اتخذ في 29-11-47 وحمل رقم 181.
عارضت غالبية الشعب العربي الفلسطيني هذا القرار وبدأت الاستعدادات للمقاومة العسكرية والتحضير ليوم انسحاب القوات البريطانية من فلسطين , الذي تقرر ان يكون في 15-5-48 .
قامت القوات اليهودية باحتلال القرى العربية الواقع بعضها في منطقة الروحة , فسقطت الكفرين وخبيزة وابو شوشة, وابو زريق , والبطيمات الفحماوية , والمنسي ولد العرب او لد العوادين - والغبيات.
واصبحت ام الفحم مقرا وممرا لالاف النازحين واللاجئين الذين طردوا من ديارهم , واضحت اشجار زيتون ام الفحم وعيون الماء فيها مكانا لنزول اللاجئين من القرى التي سقطت بأيدي اليهود ," واصبحت ام الفحم الثائرة خيمة للمشردين بلا غطاء " , وبقي بعض النازحين فيها وانتقل اغلبهم الى مناطق اخرى في فلسطين وخارجها .
وفي ليلة 30-5-48 بدات القوات الصهيونية هجومها على قرية اللجون بعد ان حاصرتها من ثلاث جهات مبقية على الجهة المشرفة على قرية زلفة مفتوحة بهدف دفع الاهالي الهرب منها باتجاه ام الفحم ومع ان اهل القرية هجروا منها بأتجاه ام الفحم وزلفة وقرى ام الفحم, وعلى الرغم من احتلال اليهود لها, الا ان الثوار الفحماويين والاهالي استمروا على مدى يومين يحاولون اعادة انتزاع القرية من المحتلين, فيذكر بن غوريون ان العرب شنوا صباح يوم الاثنين 31-5-48 هجمات مضادة لاسترداد اللجون, الا انه امكن صدها .
اتفاقيات رودوس 3 -4-1949م - وتسليم منطقة المثلث وام الفحم لاسرائيل :
بعد توقيع اتفاقية رودوس بين اسرائيل والاردن تقرر ان يكون موعد تسليم ام الفحم وقراها ومنطقة المثلث لاسرائيل في 22-5-1949م .
وفي صباح يوم 20-5-1949 , دخلت القوات الاسرائيلية قرية ام الفحم , واجتمعت الاهالي وسلم الجميع سلاحهم اما بواسطة المخاتير واما تسليما مباشرا للقيادة اليهودية التي اتخذت لها بيتا من بيوت آل حداد الفحماويين في اول الامر ثم احتلت منزل عائلة المرحوم عبد الوهاب سعادة اغبارية واتخذته مقرا للحاكم العسكري, حيث حولوا الطابق الأول لمقر اعتقال والطابق الثاني مكتبا للحاكم العسكري, لتبدأ صفحة جديدة من حياة الفحماويين تحت حكم اليهود
مختصر تاريخ ام الفحم
(تلخيص مقتضب لكتاب ام الفحم واللجون رحلة عبر الزمن )
(تلخيص مقتضب لكتاب ام الفحم واللجون رحلة عبر الزمن )
تأليف :
وجدي حسن جميل