مع إدارة أزمة فيروس كورونا: نتعلم الدروس ونستلهم العِبَر للمستقبل المنظور لبلدنا

مع إدارة أزمة فيروس كورونا: نتعلم الدروس ونستلهم العِبَر للمستقبل المنظور لبلدنا
 

مع إدارة أزمة فيروس كورونا: نتعلم الدروس ونستلهم العِبَر للمستقبل المنظور لبلدنا

 إلى أهلي في بلدي

سمير صبحي
جاءت أزمة فيروس كورونا العالمية لتقول لنا: قفوا لحظةً وفكروا قليلاً، استريحوا من عناءِ الحياةِ وصخبها وضجيجها، أعيدوا ترتيب سلم أولوياتكم في الحياة ككل، على مستوى الدولة، وعلى مستوى العائلة، وعلى مستوى الوظائف والمهن. فتبين لنا أن الأمن والجيش والسياسة والاقتصاد لا تساوي شيئاً أمام صحة الإنسان، وأن وظيفة الطبيب والممرض والصيدلي وعامل المختبر وكل من يعمل في هذا المجال من إداريين ومهنيين وعاملي نظافة وغيرهم، هؤلاء تبين لنا كم هو دورهم الكبير ومساهمتهم، وهم يسبقون بأهميتهم وظائف أخرى كثيرة كنا نظنها أكثر أهميةً. ثم تبين لنا كذلك وعلى مستوى هذه الدولة التي عاملتنا كل الوقت بأننا أقلّ درجة من غيرنا، أننا لا نقل عن غيرنا من حيث القدرات والكفاءات والطاقات، وليسَ أدلّ على ذلك من أن كل العالم شهد لأطبائنا العرب والطواقم الطبية العربية في مستشفيات الدولة، وأنهم هم من كانوا رأس الحربة في هذه الأزمة. وتبين لنا كذلك أن الوقاية فعلاً خير من قنطار علاج، فتعلمنا أن النظافة والوقاية والحفاظ على صحتنا يجب أن تكون شيئاً أساسياً في حياتنا ترافقنا طوال الوقت، في كل مكان وفي كل زمان وفي كل جيل.
وهو أيضا ما تعلمناه في بلدية ام الفحم، من خلال إدارتنا لهذه الأزمة وتعاملنا معها وما زلنا نتعامل، وضع الأولويات في حالات الطوارئ والوضع الطبيعي العادي أيضا، من حيث الوظائف البلدية او الميزانيات وغيرها، وهي دروس وعبر نستلهمها الآن لتكون لنا منارةً في المستقبل، بعد عبور هذه الأزمة بإذن الله.
ليس هذا فحسب، بل إننا ونحن ما زلنا نعايش الأزمة الحالية، فقد قمنا بعمل ثلاثة استطلاعات علمية بين أهالي بلدنا على مدار الأسبوع الأخير، بهدف الاستفادة من هذه المحنة التي نعيش ووضع الخطط المستقبلية والاستراتيجية في البلدية لأهل بلدنا للسنوات القادمة، والاستطلاع الأول كان حول الوضع الصحي في مدينتنا، والذي كان بالشراكة بين مبادرة معوز (تعنى بالقيادة المستقبلية) ووزارة الصحة ومعهد جيوكارتوغرافيا للاستطلاعات وجامعة تل ابيب ومعهد وايزمان والبلدية. والاستطلاع الثاني والذي أجرته وحدة التطوير الاقتصادي في البلدية كان حول الوضع الاقتصادي في المدينة وتأثر المصالح التجارية في المدينة بالوضع الحالي، بهدف الوقوف عن قرب على حيثيات الصعوبات والاحتياجات التي تواجهها هذه المصالح، حتى نقوم باتخاذ الاجراءات والقرارات المناسبة واللازمة لمواجهة تحديات هذه المرحلة، لأننا نرى أهمية قصوى في الحفاظ على استمرارية النشاط الاقتصادي والتجاري والمالي في المدينة حالياً وتطويره مستقبلاً. والاستطلاع الثالث كان من قبل وزارة الداخلية والذي توجهت من خلاله الى المواطنين في بلدنا حول إدارة السلطة المحلية لأزمة كورونا وتعاملها ومواجهتها لهذا الفيروس من كافة الجهات. وسيكون لنا جلسات قادمة لدراسة معطيات ونتائج هذه الاستطلاعات لكي نضع البرامج العملية المستخلصة من هذه الاستطلاعات وإنزالها على أرض الواقع والتنفيذ.
وبحمد الله كانت الاستجابة والمشاركة من أهلنا في ام الفحم كبيرة جداً مما استدعى الجهات القائمة على هذه الاستطلاعات ان تقدم الشكر الجزيل للبلدية على نسبة المشاركة العالية واهتمام المواطنين بهذه الاستطلاعات، ونحن من هنا أيضا نقدم شكرنا الجزيل لكل واحد من أهلنا الذين شاركوا وكرسوا من وقتهم ولو بضع دقائق لتعبئة نماذج الاستطلاعات التي وصلتهم على هواتفهم الشخصية.
ومن باب الشمولية التامة لاحتواء الموقف ومعالجة كافة الجوانب، ولأن حالة الطوارئ ليست فقط هزةً أرضيةً أو زلزالاً أو فيضانات وغيرها، بل إن المرض يعدّ حالة طارئة أيضا، فقد أجرينا مطلع الأسبوع الحالي تمرين طوارئ بمشاركة كافة الجهات المعنية حول سيناريو إصابة عدد من الأحياء في المدينة بوباء كورونا، وكيفية التعامل مع هذا الوضع من كافة الجوانب وما هي طرق الإنقاذ ومحاصرة العدوى داخل هذه الأحياء.
وفي السياق فإننا نشكر المصابين بهذا الفيروس من بلدنا ام الفحم والذين كتبوا عن تجربتهم مع هذا الفيروس، ونخص بالذكر الشاب احمد محاجنة والشاب محمود وائل جبارين والفتيات عدن جبارين وشادية بويرات، والذين نتمنى لهم ولكل المصابين بهذا الفيروس الشفاء العاجل، مع تأكيدنا أيضا أننا تواصلنا مع المصابين في بلدنا وقمنا بالاطمئنان عليهم وهم بحمد الله بوضع بسيط لا يدعو للقلق، قسم منهم يتواجد في المستشفيات وغالبيتهم يتواجدون في الحجر الصحي المنزلي، مع الإشارة أيضا إلى ندائنا المتكرر لكل الذين يتواجدون في الحجر المنزلي، سواء يحملون الفيروس ام لا، أن يبقوا في الحجر حتى انتهاء المدة، وان لا يخالطوا أحدا من عائلاتهم داخل البيوت.
ختاماً، فإننا نسأل الله تعالى أن يأتي شهر الصيام، شهر رمضان المبارك، وأن تأتي معه البشائر بانتهاء هذه الأزمة العالمية، وان نحتفل بعيد الفطر المبارك فرحين بصيامنا وفرحين كذلك بانتهاء هذا الفيروس إلى غير رجعة، وهذا كله منوط بسلوكنا خلال الأيام القريبة، لأننا ان التزمنا بالتعليمات فسنصوم رمضان ونحتفل بالعيد بعديا عن هذا الوباء.